السبت، 8 أبريل 2017

التصنيف:

دائماً ستُدرِك في النهاية



في الأيام الأخيرة اشتدَّ عليها المرض كثيراً تدهوَرت حالتها ذهب بريقُها وإستحال لونُها تماماً بدأت بشرتُها بالشحوب فقد أُصيبت بمرض عُضَال لا شفاء منه على اِثره فقدت كل قواها أصبحت ضعيفة إلى أبعد ما يكون ،وقف بجانب سريرها سلط عينيه عليها فقط وهى تغُط فى نومِ عميق من شده الوهَن طوَق بروحهِ جسدها النحيل انتبهت لوجوده فتحت عينيها لم تقدرعلى الحديث تبادلا النظرات طويلاً تعمق فى النظر غَرِق فى عينيها إستطاع أن ينفُذ إلى روحِها من خلال نوافذ عينيها ذهب بعيداً مع روحِها إلى زمان ومكان بعيدين من الممكن أن تطلق عليه نوعُ من التخاطُر الذهنى بين جسدين يحويان إنقسام لروحِ واحدة.

أدركَ تماماً أن هذه هى المرة الأخيرة التى سوف تفتح له أبوابَها وتتركه يعبث مع روحِها كما إعتادا ،تأكد أن هذا هو اللقاء الأخير ,أمسكَ بيدِها ووضعها على صدره احتضنها كأنه يمُدها بجزءٍ من قوته أو يعطيها ما تبقى من روحِه لتحيا به اختلج قلبهُ ألماً وقتها انتهزت إحدى الدموع الفرصة وأنطلقت تشُق طريقَها على خده تداركَها سريعاً حتى لا تراها ويزيد من آلامِها ظل طويلاً سابحاً فى أغوار روحِها حتى انغلقت عينيها ،تلك البوابة الوحيدة التى كان ينفذ منها إلى روحِها قد اغلقت للأبد صعَدت روحُها إلى السماء مخلفه وراءها كُل آلامِها وشقائها فى أواخر أيامها تركتهُ وحيداً صعدت إلى مكانِها المُناسب فهذه الدنيا لم تكن يوماً دار مُقام لمثل هذه الأرواح الملائكية وكانت سلواهُ الوحيدة أن هذه الروح التائهة قد عادت أخيرا إلى صاحبها ,انتابه شُعور حينها كأنه آخرُ بشري على سطح الأرض أصبح وحيداً تماماً ،أغلق عينيه تذكر لحظاتِهم الأولى معاً يوم أن رآها وسُحر بها تذكر خُصلات شعرها التى كانت تختَلِس الفرصة لتسقط على وجنتيها حتى يتسنى لها أن تلمس نعومه وجهها ،تذكر هاتين العينين اللّتانِ توَرطَ بهما منذ اللحظة الأولى ،تذكر أول وردة اهداها لها احتفظت بها طويلاً حتى لم يعد يعلم من منهما يستنشُق عِطر الآخر هى أم الوردة ،تذكر أيضاً أول لمسه ليديها والرجفة التى اصابتهما تذكر يوم زفافَهُم وأول مرة احتضنها حتى كادت تتهشم بين يديه كدُمية ،احتشدت كل هذه الذكريات فى عقله حتى اشفقت عليهِ عيناه وأجهش بالبكاء بكى طويلاً ،تمنى لو عادت لو لحظة واحدة فقط تمنى لوأنه ضمها طويلاً لو أنه جمع لها كل ورود العالم وأهداها لها.
هذا هو الإنسان لايُدرك قيمة ما في يديهِ حتى تُسلب منه وقتها يبدأ فى الصُراخ والعويل لكن ما جدوى الصراخ ترى لو كان يجدى لامتلأت الارضُ صراخاً ولجُن جنون العالم ،حين تُسْلُب منهُ يتمنى لو عادت مرة اخرى حتى يفعل ويفعل ويفعل لكن ما ذهب لن يعود أبداً ولهذا خَلق الله الندم.


وسَط دموعه أحسَ بالماء يغمر وجهه فتح عينيه ليجدها بجانبه تغمر وجهه بالماء حتى تُخفِض من حرارته التى ارتفعت نتيجة للحُمى التى أصابته بالهلوسات ،وقتُها لم يُدرك حقاً ما كان فيه أيُ حياة حقاً ينتمى إليها.!
 هل هي الحالية التى يجد فيها زوجته بجانبه تطيبه من مرضه؟ أم الحياة اللى كان جزءً منها منذ دقائق وزوجته اللى ذهبَت إلى خالِقُها؟ هو حقاً لم يعد يُدرك شيئاً سوى أنه غارقُ حتى الجنون فى حب هذه الفتاة الجالسة بجانبه حية كانت أم ميتَة وأنه لو عاد لوعيه ووجدها جانبه حتماً لن يتردد لحظه واحدة فى أن يجمع لها كل أزهار العالم ليَصنع لها إكليلاً .








0 التعليقات:

إرسال تعليق